للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلام الرسول يقتضي منعَها مع الجنابة مطلقاً، وأن هذا استفهامُ إنكارٍ، وأنه لما بئنَ أنه تيممَ تَبينَ أنه لم يكن جُنُباً، فلا إنكارَ عليه بهذا أبداً، والله أعلم (١).

فقد تبينَ هنا أن القياسَ هو الصحيح، دون الاستحسانِ الذي يُناقِضُه، وتخصيص العلَّة، وهو كونُ هذا بدلاً طَهوراً مُبيحاً يقوم مقامَ الماء عند تَعذُرِه في جميع أحكامِه، ثُمَ يُخَص بعضُ الأحكامِ من حكم البدليةِ والطهوريّهِ والإباحةِ، والبدلُ يقوم مقامَ المبدلِ في حكمه لا في صورته، والحكمُ جوازُ الصلاةِ به ما لم يجدِ الماء أو يُحدِثْ. فذلك القول مخالفٌ للقياس وتخصيصٌ للعلةِ بلا ريبٍ، والعفَة صحيحةٌ بلا ريبٍ.

ونحن إذا قلنا: لا يجوز تخصيصٌ بدونِ فارقٍ مُؤَثرٍ أفاد شيئين: أحدهما: أنه إذا ثبت أنها علةٌ صحيحةٌ لم يَجُزْ تخصيصُها مثل هذا الموضع.

والثاني: أنه إذا ثبتَ تخصيصُها عُلِمَ بُطلانُها، وهذا معنى قولنا: لا يجتمع قياسٌ صحيح واستحسان صحيحٌ إلاّ مع الفارقِ المؤثر في الشرع.

وأما قوله في المضارب (٢): إذا خالف فاشترى غيرَ ما أمرَ به


(١) هنا انتهى الكلام الطويل الذي كان في هوامش الصفحات. ثم رجع إلى صفحة (٣٣١ أ) السطر ١٨.
(٢) انظر: ص ١٧٢.