للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو يعمل لنفسه لاستحقاق القسط أو الأجر، ويعمل لربِّ المال، فليس هو بمنزلةِ الغاصب الذي جُعِل عملُه لصاحبِ المالِ كالمتبرِّع، فإنّ هذا إنما قبضَ المالَ ليعملَ فيه بالعِوَضِ، وهو بالمخالفة لا يخرج عن كونِ المالِ بيده قبَضَه ليعمل فيه بالعوض، ولكن عَمِلَ غيرَ ما أُمِرَ به، فيكون ضامناً لتعدِّيْهِ، ولكن ليس إذا كان ضامناً يكون وجود عمله كعدمه، مع أنّه مأذونٌ له في التجارةِ به في الجملةِ، ليس هو كمن لم يؤذَن له في ذلك.

وهو أيضًا من أصل آخر، وهو أنه إذا تصرف بغير أمرِه كان فُضوليًّا (١)، فيكون المعقود موقوفاً. وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وقول أكثر العلماء، وهي التي ذكرها الخِرَقِيُّ في مختصره: أنّ بيعَ الفضوليَ وشِرَاهُ ليس باطلاً بل موقوفاً (٢)، فإن باعَ أو اشترى


(١) الفضولي: من يتصرّف في حق الغير بغير إذن شرعي أي بلا ملك ولا ولاية ولا وكالة. وقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعي في القديم، وهو أحد قوليه في الجديد، واْحمد في إحدى الروايتين عنه: إلى أن بيعه صحيح إلاّ أنه موقوف على إجازة المالك، وذهب الشافعي في القول الثاني من الجديد واْحمد في الرواية الأخرى عنه: إلى أن البيع باطل. انظر التفصيل: بدائع الصنائع ٥/ ١٤٧ وفتح القدير لابن الهمام ٥/ ٣٠٩ وشرح الخرشي على مختصر خليل ٥/ ١٨ وروضة الطالبين ٣/ ٣٥٣ والمجموع ٩/ ٢٥٩ والمغني ٥/ ٢٥٣، ٢٥٤ والإنصاف للمردادي ٤/ ٢٨٣ وشرح منتهى الإرادات ٢/ ١٤٣، ١٤٤ وكشاف القناع ٣/ ١٥٧، ١٥٨ وتفسير القرطبي ٧/ ١٥٦.
(٢) كذا في الأصل بالنصب على تقدير "يكون".