للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)) (١).

وأخبرَ أن الذين يخافون العدوَّ خوفًا منَعَهم من الجهاد منافقون، فقال: (وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧)) (٢).

وفي الصحيحين (٣) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه عَد الكبائر؛ فذكر الشرك بالله، وعُقُوق الوالدين، والسِّحر، واليمين الغَمُوس، وقذف المُحْصنات الغافلات المؤمنات. وذكر منها الفرار من الزَّحْف في الصَّفَّيْن.

[و] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "شَرُّ ما في المَرْء: شُحٌّ هالِعٌ، أو جُبْنٌ خالِعٌ" (٤).

وأما دلالةُ سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك فمن وجوه كثيرة:

منها: أن المسلمين يوم بدر كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر، وكان عدوهم بقدرهم ثلاث مرات أو أكثر، وبدر أفضل الغزوات وأعظمها.

فعُلِمَ أنَّ القوم يُشْرَع لهم أن يُقاتِلوا من يَزِيدون على ضِعْفِهم، ولا فرقَ في ذلك بين الواحد والعدد، فمُقَاتَلة الواحد للثلاثة كمُقَاتَلة الثلاثة للعَشَرة.


(١) سورة الأنفال: ١٥ - ١٦.
(٢) سورة التوبة: ٥٦ - ٥٧.
(٣) البخاري (٢٧٦٦، ٦٨٥٧) ومسلم (٨٩) عن أبي هريرة.
(٤) أخرجه أحمد (٢/ ٣٠٢، ٣٢٠)، وأبو داود (٢٥١١).