أحدٌ تَرخَّصَ بقتالِ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها فقولوا: إنما أحلَّها اللهُ لرسوله، ولم يُحِلها لك، وقد عادت حرمتُها اليومَ كحرمتِها أمسِ" (١).
فصل
وأما من عَمِلَ أعمالَ الحج والعمرة فهذا عليه أن يفعلها على الوجه المشروع، وليس له أن يجتاز بالمواقيت بلا إحرامٍ، بالسنة واتفاق العلماء. وهو كمن أراد الصلاةَ، عليه أن يُصلَّيها على الوجه المشروع، فيصلّيها بطهارة وقصدٍ إلى القبلة، وإن كانت الصلاةُ تطوعًا غيرَ فرضٍ، لكن ليس له أن يُصلَيَ إلاّ على الوجه المشروع.
كذلك الحج والعمرة وإن كان متطوعًا، فليس له أن يحجّ ويعتمر إلاّ على الوجه المشروع. فلو قال: أنا أدخلُ بلا إحرام، وأطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، لم يكن له ذلك. وكذلك لو قال: أنا أدخلُ بلا إحرامٍ، وأَقِفُ بعرفةَ ومزدلفةَ وأرمي الجمار، لم يكن له ذلك بالسنة واتفاقِ العلماء.
ولو قال: أنا أريد الوقوفَ فقط، فأذهبُ في شأني غيرَ محرمٍ إلى عرفة، فأقِفُ مع الناس وأرجعُ، فهذا أولَى بالمنع، لأن ذاك تركَ الإحرامَ وحدَه، وهذا تركَ الإحرامَ وتوابعَ الوقوف. والوقوف بعرفة إنما شرعَه الله بعمل قبلَه - وهو الإحرام -، وعملٍ بعده - وهو الوقوف بالمشعر الحرام وسائر المناسك-، قال تعالى:(فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ
(١) أخرجه البخاري (١٨٣٢) ومسلم (١٣٥٤) عن أبي شريح العدوي.