ويقصرون الصلاة خلفه وخلف أبي بكر وعمر، وكان يقرُّهم على ذلك، ولم يقل لهم: أتمّوا صلاتكم إنا قوم سفر. [و] لا خليفتاه من بعده.
وإنما رُوِي أنه قال ذلك لما صلى بهم بمكة عام الفتح. وكذلك عمر قال ذلك لأهل مكة في نفس مكة.
وأما بعرفة ومزدلفة فلم ينقل أحدٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ذلك، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، مع توفّر الهِمَم والدواعي على نقل مثل ذلك لو وقع. ولو كان أهل مكة يقومون حين السلام يصلون ركعتين آخرتين لكان هذا مما يظهر لكل الناس، وكان مثل هذا مما يمتنع في الشريعة والعادة أن لا ينقله أحد.
فهذه سنة معلومة قطعًا: أن المسافر يقصر في مقدار بريد، وهو أقل من يوم، والكتاب والسنة مطلق، فما كان في العادة سفرًا أفطر فيه وقصر، وإن أقام بالبلد أيامًا، فقد أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة بعد الفتح عشرة أيام يفطر وهو في نفس مكة، وأقام نحو تسعة عشر يومًا يقصر، وأقام بتبوك عشرين يومًا يقصر، وبسط هذا له موضع آخر. والله أعلم.
وقال أيضًا:
وأما رفع اليدين في الصلاة مع كل تكبيرة حتى في السجود، فليست هي السنة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها، ولكن الأئمة متفقة على أنه يرفع اليدين مع تكبيرة الافتتاح.
وأما رفعها عند الركوع والاعتدال من الركوع، فلم يعرفه أكثر فقهاء