للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمين، كما ذكر الله هذين الصنفين في سورة الواقعة في أولها وفي آخرها، فذكر تعالى أن الناس ثلاثة أصناف وقتَ القيامة الكبرى ووقتَ الموت، فقال تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠)} (١). وكذلك قال في آخر السورة: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤)} (٢).

وكذلك ذكر الأصناف الثلاثة في سورة هل أتى على الإنسان، وفي سورة المطففين. وقد ذكر في سورة فاطر تقسيمَ أمّة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ثلاثة أصناف في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} (٣)، فالظالم لنفسه: هو المفرِّط بترك المأمور أو فعلِ المحظور، والمقتصد (٤): المؤدِّي للفرائض، المجتنب للمحارم، والسابق بالخيرات: المؤدِّي للواجب والمستحبّ، والتارك للمحرَّم والمكروه.

وأولياءُ الله المتقون لهم كراماتٌ يُكرِمُهم الله بها، فخواصُّ أولياء الله المتبعون لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يكون كراماتُهم إمّا لحجةٍ في الدين، أو لحاجةٍ للمسلمين، كما كانت معجزات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كذلك، فهم يتقرَّبون إلى الله بما يُكرِمُهم به من الخوارق، ويعبدون الله بها، ويزدادون بها قربًا إلى الله، لا يطلبون بها عُلوًّا في الأرض ولا فسادًا.


(١) سورة الواقعة: ٧ - ١٠.
(٢) الآيات ٨٨ - ٩٤.
(٣) سورة فاطر: ٣٢.
(٤) في الأصل: "المقتصدون".