كتاب جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم

(١٠) رسالة في اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أعظم الناس ضلالا: من ابتدع في دين الله مالم يأذن به الله، أو ضم إلى ذلك أنواعا من التكذيب والتلبيس - ج: 5 - ص: 218

ومن أعظم هؤلاء ضَلالاً: مَن انتسَبَ إلى إمام أو شيخ من شيوخ المسلمين، وابتدَعَ في دين الله ما لم يأذن به الله، أو ضَمَّ إلى ذلك أنواعًا من التكذيب والتلبيسِ، كهؤلاء المُتَوَلِّهينَ الذين يَفْتِلُونَ شُعُورَهم، ومَن وافقهم من المُظْهِرِين كمُحَرقة النَّار واللاذَنِ وماءِ الوَرْدِ والسُّكَّرِ والعسلِ والدم مِن صُدُورهم، وإمساكِ الحَياتِ زاعمينَ أنَّ ذلك كرامة لهم؛ واحتيالاً عن الصدِّ عن سبيل الله، وأكلِ أموال الناسِ بالباطلِ.

أمَّا فَتْلُ الشُّعور ولفِيفُهَا فبدعة ما أمر بها نبىٌّ ولا رجل صالح ولا فعلها مَن يُقتدى به، بل قد شَرَعَ الله ورسوُله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّرجُّل مِن تَسْريح الشَّعر ودَهْنِه.

ودخل عليه رجلٌ ثائرُ الشَعر فقال: "أَمَا وَجَدَ هذا ما يُسَكِّنُ به شَعْرَهُ؟ " (١).

ولعَنَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الواصلة والموصولةَ (٢)، ولعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال (٣).

وأمر بإحفاءِ الشارب وإعفاء اللِّحية (٤)، وقال: "مَن كان له شَعْرٌ

---

(١) أخرجه أحمد (٣/ ٣٥٧) وأبو داود (٤٠٦٢) والنسائي (٨/ ١٨٣) عن جابر بن عبد الله. وصححه ابن حبان والحاكم.
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٤١) ومسلم (٢١٢٢) عن أسماء. وفي الباب أحاديث أخرى.
(٣) أخرجه البخاري (٥٨٨٥) عن ابن عباس.
(٤) في أحاديث عديدة في الصحيحين وغيرهما.