للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البرّ والتقوى الذي أشربت القلوب لهم خالص المودة من سُوءِ حالِ هذا وحُسْنِ حال هؤلاء، وما يرى ويسمع من البشرى التي وعد الله بها أولياءَه في الحياة الدنيا من المبشرات المنامية ولسان الصدق المنشور، وغير ذلك من الأسباب الكثيرة التي توجِب رجحانَ موازينهم وخِفّةَ موازينِ مخالفيهم، صارت تُثبتُ أفئدتهم وتَزيد إيمانهم وتدفع عنهم شُؤم المعارضات.

والأمرُ كما أصِفُ وفوقَ ما أصِف، وكان حَصَلَ عندي من هذا ما حَصَلَ، فاجتمع لي من مدة عشر سنين أو قريب منها أو أكثر من قال لي، فلما كان في هذه الأوقات حَدَثَ من الأسباب ما اقتضى أن وقف على حكاية هذه المناظرة أحد الفضلاء المبرزين والنبلاء المتبحرين، عينُ أعيان المناظرين وفرسان المتكلمين ومَن تتبيّن الفوائد بمذاكرته وتُستفاد المقاصد بمناظرته، فعَلق عليها من الأسْولةِ ما التمسَ حَلها، ومن المباحثِ ما اقتضى فرعها وأصلها ..... (١)

قلتُ في حكاية المناظرة (٢): "قال لي بعض الناس: إذا أردنا أن نسلكَ سبيلَ السلامة والسكوت، وهي الطريق التي تصلح عليها العامة، قُلنا كما قال الشافعي رضي الله عنه: آمنتُ بالله وما جاء عن الله على مرادِ الله، وآمنت برسولِ الله وما جاء عن رسول [الله] على مراد رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وإذا سلكنا طريقَ البحث والتحقيق فإن الحقَّ مذهبُ مَن يتأَوَّلُ آياتِ الصفاتِ وأحاديثَ الصفات من المتكلمين.


(١) كتبت بعده في الأصل: "بياض".
(٢) انظر "مجموع الفتاوى" (٦/ ٣٥٤)