للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما يُصْنَع للميّت فالذي يَنفع الميتَ ويَصِلُ إليه باتفاق العلماء هو الصدقةُ ونحوُها، فإذا تَصدَّق عن الميت بذلك المال لقومٍ مستحقينَ لوجهِ الله تعالى ولم يَطُلْب منهم عملا أصلاً كان ذلك نافعًا للميتِ وللحيِّ الذي يَتصدقُ عنه باتفاق العلماء، كما في الصحيحين (١) أن سعدًا قال: يا رسولَ الله! إن أمي افْتُلِتَتْ نفسها، وأراها لو تكلمتْ تصدَّقتْ، فهل يَنفعها إن أَتصدَّقْ عنها؟

قال: نعم.

وأما اكتراءُ قوم يقرأون القرآنَ ويُهْدُون ذلكَ للميتِ فهذه بدعةٌ، لم يفعلها السلفُ ولا استحبَّها الأئمة، لكن لو قرأ الإنسانُ القرآنَ لله وأهداه للميتِ وصلَ إليه الثوابُ عند أبي حنيفة وأحمد وغيرهما كما تَصِلُ إليه الصدقةُ، فإن هذا تصدقَ لله وهذا قرأَ لله، وذلك عمكٌ صالح ينفعُ الله به الحيَّ والميتَ، بخلاف الذي يَكْتَرِي من يقرأ، فإن القارئَ إنما قرأ لأجلِ العوضِ، والمُعطِي إنما أَعطَى عِوضًا عما استعملَه فيه.

والفقهاء تَنازعوا في الاستئجار على تعليم القرآن، فأما استئجارُ من يقرأ ويُهدِيْ فما علمتُ أحدًا من العلماء ذَكَرَ ذلك، ولكن إذا قُرِئَ القرآنُ فاستماعُه حسن.


(١) سبق تخريجه.