للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عباس: "مع محمد وأُمَّتهِ" (١).

وهذا كما قال الحواريّون: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٥٣].

فهؤلاء المؤمنون هم طلبوا ما طلبه قبلهم المؤمنون، بخلاف مَن (٢) كان منهم متبعًا للدين المبدَّل المنسوخ، فإنّ أولئك فيهم رأفةً ورحمةً ورهبانيةً، فلهم عبادة وأخلاق، وليس لهم شهادة، فلهذا كانوا في الضلال، فإنَّ الضلال: [ق ٦] عدم العلم، وهو نَعْتُهم (٣)، كما قال عنهم: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة:٧٧].

فإنّ الضلال يورثه اتباع الهوى؛ لأنه إذا لم يكن معه علم بما يفعله وما يقصده، ومعه حبّ وإرادة تدعو إلى العمل، كان المحرِّك له حبه وهواه، سواء كان صادفَ الحقَّ الذي يرضاه الله، أو كان بخلاف ذلك.

وهذا الموضع غلط فيه من سالكي الطريق من لا يُحصي عددَهم إلا الله، فإن أوَّل الطريق هو إرادةٌ وحبٌّ وطلبٌ، وذلك يُثمِرُ من أنواع العبادات والأخلاق والأعمال والأحوال والمقامات ما لا يعلمه إلا الله.


(١) أخرجه الطبري: (٨/ ٦٠٣).
(٢) الأصل: "ما".
(٣) أشكلت على الناسخ فلم يحرّرها، ولعلها ما أثبت.