للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حقيقة النبوة، فهو "صورة علم الحق بنفسِه الواقعة بصورة العمل المطابقة للصورة المعلومية التي صارت مرآةً لانعكاس الوجود المطلق محلاًّ لتميّز صفاته القديمة التي ظهر الحق فيه بصورة وصفة، واصفًا يصف نفسه ويحيط به، فالأول هو الموصوف، والثاني هو الواصف، والأول هو المسمَّى باسم الله، والثاني هو المسمَّى باسم الرحمن".

فيقال: قد عُلِمَ أن هذان اسمانِ من أسماء الله، ليسا اسمين لشيء من صفاته كالعزة والقدرة والحكمة، ولا اسمين لشيء سواه، وأسماء الله تعالى كلُّها متفقة في دلالتها على نفسه المقدسة، ولكل اسمٍ خاصَّةٌ ينفرد بها عن الاسم الآخر، فللرحمن الرحمة، وللحكيم الحكمة، وللقدير القدرة. وهكذا أسماء الرسول وأسماء القرآن، ليست هذه الأسماء مترادفة، ولا هي أيضًا متباينةٌ من كل وجه، بل هي باعتبار الذات مترادفة، وباعتبار الصفات غير مترادفة بل كالمتباينة، ولهذا يُسمى هذا النوع المتكافئة. وكلُّ اسمٍ فإنه يدلُّ على ذاتِ الله وعلى خصوصِ وصفهِ بالمطابقة، ويدلُّ على أحدهما بالتضمن، ويدلُّ على الصفة التي للاسم الآخر بالالتزام، فإنه يدلُّ على الذات المستلزمة للصفة الأخرى، فبين كل اسمينِ اجتماعٌ وامتيازٌ إلاّ اسم "الله"، ففيه قولان. ولهذا هل يدخل في الأسماء؟ فيه روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما أنه لا يدخل في هذه الأسماء، بل هو متضمنٌ للجميع، وهذا يطابق قول من يقول: ليس بمشتق. والثاني: أنه من الأسماء، وهذا يطابق قول من يقول: إنه مشتق.