وسنَّةِ خلفائه الراشدين على الوجهِ الذي جَرى عليه. ويَلتحِقُ به الأموالُ المشتركةُ التي لم تُؤخَذْ من الكفّار، كالمواريثِ التي لا وارثَ لها، والأموالِ الضائعةِ التي لا يُعلَم لها مُستحِقّ معيَّنٌ، ونحو ذلك من الأموال المشتركة.
ثُمَّ خلفاءُ الرسولِ أهلُ العدل من العلماءِ والأمراءِ الجامعين بين العلم والإمارة مع العدل -كالخلفاءِ الراشدين- قد يجتهدون في كثيرٍ من هذه الأموالِ قبضًا وصَرْفًا، كما يجتهدون في الأحكامِ والولاياتِ والأعمالِ والعقوباتِ ونحوِ ذلك، واجتهادُهم سائغٌ، والأموالُ المأخوذةُ بمثل هذا الاجتهادِ سائغةٌ، وإن اعتقَد الرجلُ تحريمَ بعضِ ذلك، فليس له أن يُنكِرَ على الإمام المجتهد في ذلك، ولا على من أخذَ باجتهادِه، كما لا يُنكِرُ على ما أعطاه الحاكمُ بحكمِه في الفرائضِ والوقوفِ ونحوِ ذلك. ولكن هل يُباحُ له بالحكم ما اعتَقَدَ تحريمَه قبل الحكم؟ على روايتين.
وكذلك يُخَرَّجُ في القَسْم، فإن قَسْمَ الإمامِ المالَ الذي يَجِبُ عليه قَسْمُه هو كحكمِه، وأما قِسْمَتُه لغير ذلك فهي بمنزلةِ فِعْلِ الحاكم، كتزويج الأيامَى وبيع أموال اليتامَى. وهل فِعْلُ الحاكمِ حُكم فلا يَسُوغُ نَقضُه، أم هو كفعلِ غيرِه فيجوزُ نقضُه حتى يُنَفِّذَه أو غيرُه من الحكام؟ فيها وجهانِ.
ثمَّ إذا قلنا: هو حرام عليه، فليس حرامًا على غيرِه، ويَحِل له -إذا أخذَه غيرُه بتأويلٍ- أن يأخذَه منه بابتياع واتِّهاب ونحوِ ذلك من العُقود. هذا هو الصواب، فإنَّ ما قَبَضَه المسلمُ بالتأويل أولَى