وإذا عُرِفَ أن الأوقات في حال العذر ثلاثة أوقات، فنقول: العذر نوعان:
أحدهما: ما فيه حرجُ المسلم، كجمع المريض والمسافر إذا جدَّ به السيرُ.
والثاني: أن يشتغل بعبادة أفضل من الصلاة في الوقت المختصّ، مثل اتصال الوقوف بعرفةَ، فإن هذه العبادة أولى بالسنة المتواترة وإجماع المسلمين من أن يصلي العصر في وقتها المختصّ. كما أن الفطر لأجل الدعاء والذكر في هذا اليوم أفضل من صوم يوم عرفةَ الذي يكفر سنتينِ، مع أنّ هذا فيه نزاعٌ بين العلماء، فإنهم تنازعوا (١).
وإذا كان هذا في الوقت فمعلومٌ أن جنس الجهاد أفضلُ من جنس الحج، ومن الجهاد ما يكون أفضل من وقوف عرفةَ إذا كان المسلمون بإزائهم عدوٌّ يتّصلُ قتالُه لهم إلى الغروب مصافَّةً أو محاصرةً أو غير ذلك= كان أن يجمعوا بين الصلاتين ثم يدخلوا في الجهاد المتصل خيرًا من أن يُؤخَروا الصلاةَ إلى بعد الغروب، كما يقوله من لا يُجوز الجمعَ ولا الصلاةَ مع القتال ويُجوِّز تأخيرَ الصلاة، وكان خيرًا من أن يُصلُّوا في حال القتال. فإنه لا يَستريبُ مسلم أن فِعْلَ الصلاتين في وقت الظهر خيرٌ من فِعْلِهما أو فِعْلِ إحداهما بعد الغروب، فإن هذا فِعْلُ صلاة النهار في النهار وجَمْعٌ في الوقت الذي يجوز جنسُه بالنصِّ والإجماع.