للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

في أن التوحيد الذي هو إخلاص الدين لله أصل كل خير من علم نافع وعمل صالح.

وهذا المعنى قد تكلمنا عليه مرارًا في القواعد المتقدمة وغيرها، وفي مراسيل مكحول عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من أخلصَ لله أربعين صباحًا تفجرتْ ينابيعُ الحكمة من قلبه على لسانه " (١)، هكذا رواه الإمام أحمد فيما رواه عنه المروذي في الإخلاص ونحوه من أعمال القلوب. وقد روي هذا- فيما أظن- من حديث يوسف بن عطية عن ثابت عن أنس، ويوسف ضعيف ساقط.

ولهذا ذكر أبو الفرج بن الجوزي هذا الحديث في "الموضوعات" (٢)، وطعن على الصوفية الذين جعلوه عمدتهم فيما يفعلونه من الخلوة أربعين يومًا، وأبو الفرج فيما ينكره على الصوفية في مثل "تلبيس إبليس" ونحوه، قد شاركه طوائف في إنكار ما أنكره، وكلّ من المُنكِرين والمُنكَر عليهم مجتهدون، لهم علم ودين، والصواب تارة يكون مع هذا الطرف، وتارة يكون كل منهما مصيبًا من وجه مخطئًا من وجه، فيقتسمان الصواب والخطأ، ويكون الصواب


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٣/ ٣٣١) وهناد في الزهد (٦٧٨) وأبو نعيم في الحلية (١٠/ ٧٠) عن مكحول مرسلاً. وإسناده ضعيف، انظر "المقاصد الحسنة" للسخاوي (ص ٣٩٥).
(٢) "الموضوعات" (٣/ ١٤٤، ١٤٥).