به فِعلُه وقبولُ المحترق، فإن عُنِيَ به فِعلُ الفاعلِ فقط فهو من العلل المقتضية لا الموجبة، يقال: أحرقتُه فلم يَحترِقْ، وعلَّمتُه فلم يتعلَّم، وكسرتُه فلم ينكسر، وإن عُنِي به فعلُ الفاعل وقبولُ القابل فهما أمرانِ مركَبانِ.
وهذا طردُ قولنا: ليس في الوجودِ علةٌ تامةٌ إلاّ مركَّبة سوى مشيئةِ الله تعالى، وقد تقدم الكلام على الصفات والأحوال هل تدخل في العلل أم لا. فهذا أحد القسمين.
التقسيم الثاني: أن الشيء ليس له خارج عن نفسه علتان: علة فاعلة وعلة غائية، ويُسمّي الفقهاءُ الفاعلةَ السبب والموجب، ويُسمُّون الغائيةَ الحكمة والمراد والمقصود. أما المادة والصورة فذلك علتان للمركب في نفسه، فالمركب كالخاتم مثلاً مركّبٌ من الفضة التي هي المادة، والصورة التي هي القالَبُ (١)، وتسمية هذا عللاً ليس من اللغة المعروفة ولا من المعروف في الفعل، وإنما هو اصطلاحٌ لطائفة من النظار من المتفلسفة وغيرهم، وإنما العلة المعروفة ما كان مغايرًا للمعلول، فالإنسان بعقلٍ يفعل فعلاً لمقصودٍ، فهو الفاعل له، والمقصود هو الغاية المقصودة به، والعلة الغائية علة العلم وفاعلية العلة الفاعلية، فإنه لولا المقصود والفاعل لما فعلَ الفاعلُ، وهي [أوّلٌ] في القصد آخرٌ في الوجوِد والفعل. ولهذا قال تعالى: في أم الكتاب: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥))، فإن الله سبحانه هو