للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإله المعبود بجميع الأعمال الصالحة، وهو الخالق الربُّ المُعِين عليها، فله الدعاءُ وحدَه لا شريكَ له دعاء العبادةِ والتألُه لألوهيتِه، ودعاء السؤالِ والطلب لربوبيتِه الداخلة في ألوهيته. وهو ربُّ العالمين وخالق كل شيء، وَلهذا قال: (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) (١)، وقال: (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)) (٢)، وقال: (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (٣٠)) (٣).

إذا عُرِف ذلك فالعلل في اصطلاح الفقهاء في الدين والشريعة قد يُرادُ بها الأسباب التي هي بمنزلة الفاعل، كما يقال: مِلك النصاب سببٌ لوجوب الزكاة، والزنا سببٌ لوجوب الحدّ، والقتل العمد سببٌ لوجوب القَوَد. وقد يُراد بها الحكمةُ المقصودة التي هي الغاية، كما يقال: شرِعَت العقوباتُ للكفِّ عن المحظورات، وشُرِعَت الضماناتُ لإقامة العدل في النفوس والأموال، وشُرِعَت العباداتُ لأن يُعبَد الله وحدَه لا شريك له، وشُرِع الجهادُ لتكون كلمةُ الله هي العليا ويكون الدين كلُّه لله.

وهذه الحِكَم والمصالح التي هي الغايات تكون مقصودة مرادةً للشارع الَامِر وللفاعل المطيع، ولكن تحصل بدونِ قصدِه، كما يَحصُل ثوابُ كثيرِ من الأعمال الصالحة في الدنيا والآخرة لمن أطاعَ الله ورسوله في أَفعالٍ كثيرة، وإن كان لم يعلم ذلك فضلاً عن أن


(١) سورة هود: ١٢٣.
(٢) سورة هود: ٨٨، سورة الشورى: ١٠.
(٣) سورة الرعد: ٣٠.