للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة

في التسمية على ذَكاةِ الذبيحة وذكاة الصيد، والنزاع فيها مشهور بين السلف والخلف، وقد ذكروا عن أحمد رحمه الله فيها خمسَ رواياتٍ، ذكرها أبو الخطاب في "رؤوس مسائله ". قال أبو الخطاب: متروكُ التسمية لا يَحِلُّ أكلُه، سواء تركَ التسميةَ عامدًا أو ناسيًا. وعنه إن تَركَها عامدًا لم يحلَّ، وإن تركها ناسيًا حلَّتْ. وهو قولُ أبي حنيفةَ والثوري ومالك. وعنه إن سَها على الذبيحة حَلَّ، فأما على الصيد فلا.

(قال تقي الدين:) قلت: وأكثر الروايات عن أحمد على هذا، وهي اختيار أكثر أصحابه، كالخرَقي والقاضي وأكثرِ أصحابه والشيخ الموفق.

قال: وعنه إن سَهَا على السَّهم حَلَّ، وأما على الكلب والفهد فلا.

وقال الشافعي: يَحِلُّ أكلُه سواء تركَها عامدًا أو ساهيًا، وعن أحمد بنحوه.

ونَصرَ أبو الخطاب التحريمَ مطلقًا. (قال الشيخ تقي الدين:) وهذا هو الصواب، فإني تدبَّرتُ نصوصَ الكتاب والسنة فوجدتُها متظاهرةً على إيجاب التسمية واشتراطِها في الحلِّ، وتحريمِ ما لم يُذكَر اسمُ الله عليه، وكلُّ نصٍّ منها يوافق الآخر، مع كثرة النصوص وصراحتها في الدلالة، ولم أجدْ شيئًا يَصلُح أن يُقارِبَ معارضةَ هذه النصوص، فضلاً عن أن يُكافِئَها أو يرجحَ عليها. ولو لم يكن إلا نصّ سالم عن المعارِض المقاومِ لَوجبَ العملُ به، فكيف مع كثرتها وقوةِ دلالتها وعدمِ معارضِها.