للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقال: إنّ عبد الملك [لو] منعهم الحجّ فُضِحوا، فبنى القبَّة على الصخرة، وعظَّمَ أمرها، فجعل الناس يعتانون (١) بها.

ولو نذر إتيان بيت المقدس لزمه الوفاء بما ينذره في مذهب مالكٍ والشافعيّ، [و] في قوله الآخر لا يلزم، قالوا: لأنه لا يلزم بالنذر إلا ما كان واجبًا بالشرع، وهو إتيان مكةَ خاصة؛ فإن إتيان مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيت المقدس مستحبٌّ ليس بواجب. والصحيح الأول، فإنه قد ثبت في الصحيح (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه "قال: من نَذَر أن يطيع الله فلْيُطِعْه، ومن نذر أن يعصيَ اللهَ فلا يعصه (٣) ".

فصل: إذا عُرف هذا فليس (٤) في بيت المقدس بل ولا في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - عبادة يختصّ بها، بل العبادات المشروعة فيهما مشروعة في سائر المساجد، كالصلاة والاعتكاف والذِّكر والدعاء والقراءة ونحو ذلك. وهذا بخلاف المسجد الحرام، فإنه مشروعٌ فيه ما لا يُشْرع في غيره؛ وهو الطواف به، واستلام ركنيه اليمانيين، وتقبيل الحجر الأسود الذي فيه. فإن ذلك عبادةٌ تختصّ بالمسجد الحرام باتفاق المسلمين، ولا يُشرَع في غيره من المساجد لا طواف ولا استلام شيء من الأشياء.


(١) كذا ولعلها "يعتنون أو يفتنون".
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٦٩٦) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) الأصل: "يعصيه".
(٤) الأصل: "ليس".