للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحليلاً لمحتويات هذه الفتوى، ووصفًا لنسختها الخطية. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.

• فكرة القطب والأبدال عند الصوفية

لم تكن فكرة القطب والأبدال (كما ذكرها الصوفية) موجودة في القرون الثلاثة الأولى، فلا أساس لها في الكتاب والسنة، ولم يذكرها السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم، ولم يعتقدوها كما تعتقد الصوفية. وبعد استعراض مجموعة من المصادر توصلتُ إلى أن أقدم مَن يُنقل عنه عدد الأولياء ورجال الغيب وذكر مساكنهم هو أبو بكر محمد بن علي بن جعفر الكتّاني (ت ٣٢٢) أحد مشايخ الصوفية، فقد قال -كما نُقِل عنه-: "النقباء ثلاث مائة، والنجباء سبعون، والبدلاء أربعون، والأخيار سبعة، والعُمدُ أربعة، والغوث واحد. فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعُمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة. فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء ثم النجباء ثم الأبدال ثم الأخيار ثم العُمدُ، ثمّ أجيبوا، وإلاّ ابتهل الغوث، فَلَا يُتِمُّ مسألته حتى تُجاب دعوته" (١).


(١) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٣/ ٧٥ - ٧٦) بإسناده إليه. وفيه علي بن عبد الله بن جهضم، متهم بالكذب، كما في (الميزان) (٣/ ١٤٣) و (اللسان) (٤/ ٢٣٨). ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١/ ٣٠٠) من طريق الخطيب، وكذا نقلت عنه المصادر المتأخرة، مثل "المقاصد الحسنة" ص ١٠ و"الخبر الدال" (٢/ ٢٥٥) وغيرهما.