للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قاعدة في الإجبار على المعاوضات إذا لم يكن فيه ضرر،

وعلى الغير بتركه ضرر

عن سمرة بن جندب أنه كان له نخلٌ في حائطِ رجلٍ من الأنصار، ومع الرجلِ أهلُه، فكان سمرة يدخل إلى النخل، فيتأذَّى به ويَشُقُّ عليه، فطلبَ إليه أن يبيعها منه فأبى، فطلب أن يُنَاقله فأبى، قال: "فهَبْها لي ولك كذا وكذا" أمرًا رغَّبَه فيه، فأبى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتَ مضارٌّ"، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري: "اذهَبْ فاقلَعْ نَخْلَه". رواه أبو داود (١).

فيه من الفقه أن تلك النخلة كانت ملكًا لرجلٍ، وكان بقاؤه في أرضِ الغير يَضُرُّ به، فوجب عليه أن يزيل ضررَ ربِّ الأرض، إمّا بمعاوضةٍ وإما بتبرُّعٍ، فلما امتنعَ جَوَّزَ القَلْعَ؛ لأن تَرْكَ ذلك ضِرارٌ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنت مُضارٌّ"، ثم قال للأنصاري: "اذهَبْ فاقلَعْ نخلَه". وهذا موافق للحديث الذي رواه ابن ماجه (٢) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضرر ولا


(١) برقم (٣٦٣٦). وفيه انقطاع بين أبي جعفر الباقر وسمرة، فإنه لم يسمع منه.
(٢) برقم (٢٣٤٠)، وأحمد (٥/ ٣٢٦، ٣٢٧) عن عبادة بن الصامت، قال البوصيري في الزوائد: "إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع؛ لأن إسحاق بن الوليد، قال الترمذي وابن عدي: لم يدرك عبادة بن الصامت، وقال البخاري: لم يلقَ عبادة. وأخرجه أحمد (١/ ٣١٣) وابن ماجه (٢٣٤١) عن ابن عباس. وفي إسناده جابر الجعفي متهم. وأخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٧٤٥) عن عمرو بن يحيى عن أبيه مرسلاً. وروي هذا الحديث عن عدد من الصحابة بأسانيد ضعيفة. لكن يتقوى بعضها ببعض كما قال النووي، ووافقه الحافظ ابن رجب. انظر: جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٠٧).