للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن معاوية فتح قَيْسَاريةَ، وكانت مدينة بالساحل عظيمة، ولعلّ النزاع كان فيها، وقد غنم المسلمون آنيةً من ذهب وفضة، فصار في الخُمُسِ منها ما صار، فباعَهم معاوية ذلك إلى العطاء. فصار بيع الإناء الذي وزنُه عشرون درهمًا بثلاثين درهمًا لأجل صيغتِه، والناس رغبوا في ذلك؛ لأنه إلى العطاء مؤخر عنهم، ويأخذون ذلك الساعة وينتفعون بها، فأنكر ذلك عبادة، وتقاولَ هو ومعاوية في ذلك، والقصة مشهورة (١).

ولما أنكر أبو سعيد الخدري وغيره من الصحابة ذلك على ابن عباس، روى أبو سعيد حديث خيبر لما قال له وكيلُه: إنما نبتاعُ الصاعَ من التمر الجَنِيْب وهو جيد التمر، بالصاعين من الجمع وهو المخلوط، فقال: «إنه عين الربا، ولكنْ بِعِ الجمْعَ بالدراهم، ثم ابتَعْ بالدراهم جَنِيْبًا»، وقال في الميزان مثل ذلك (٢).

ثم اتفق الناس على تحريم ربا الفضل في الأعيان الستة التي جاءت بها الأحاديث، وهي من أفراد مسلم (٣) من حديث عبادة وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرّ بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثلٍ سواءً بسواءٍ يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبِيعُوا حيث شئتم إذا كان يدًا بيدٍ».


(١) أخرجها مسلم (١٥٨٧).
(٢) أخرجه البخاري (٤٢٤٤) ومسلم (١٥٩٣) عن أبي سعيد وأبي هريرة.
(٣) برقم (١٥٨٧).