سئل شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني -رضي الله عنه وأرضاه-: ما تقول في رجلين اختلفا في الاعتقاد، فقال أحدهما: من لا يعتقد أن الله في السماء فهو ضالٌّ، وقال الآخر: إنّ الله سبحانه لا ينحصر في مكان، وهما شافعيان. فبيِّنوا لنا ما نتبعه من عقيدة الشافعي رضي الله عنه، وما الصواب فيه؟
فأجاب
الحمد لله. اعتقاد الشافعي رضي الله عنه هو اعتقاد سلف أئمة الإسلام، كمالك والثوري والأوزاعي وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وهو اعتقاد المشايخ المقتدَى بهم، كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبد الله التستري وغيرهم. فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أصول الدين. وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه، فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء، واعتقادُ هؤلاء هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وهو ما نطق به الكتاب والسنة.
قال الشافعي في أول خطبة "الرسالة"(١): "الحمد لله الذي هو كما وصفَ به نفسَه، وفوقَ ما يَصِفُه به خلقُه". فبيَّن رحمه الله أن الله موصوف بما وصفَ به نفسَه في كتابه وعلى لسان رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وكذلك قال أحمد بن حنبل: لا يُوصَف الله إلا بما وصفَ به نفسَه أو وصفَه به رسولُه، لاْ يتجاوَز القرآن والحديث.