للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها يتوجه إلى المعنى الغريب، ويظهر لمن قام به الفضلُ أن العالم ــ بل مدلول الكليات الثلاثة، والكمية المنطقية، والوجود المعتد ــ لاحقٌ كله، ويجد من نفسه أن الواحد المحض لا هو إلا هو؛ لأنه لا غير له بالجملة.

ويفعل مع هذا ويدرك ــ أعني الواصل المحقق ــ ويقوم الفضل به، حتى إنه يجد الانفعال، ويدرك النظام القديم، ويكون مع الموجودات على أي حال قدرت، حتى إنه ذلك بعينه، ويكون كأنه حاسَّةٌ مدركة على العموم، لا يرجع عن شيء، ويكون المعلوم من حيث هو العالم، وغير ذلك مما لا يمكن ذكره" (١).

قلت: قولهم مع أنه جامعٌ لكلِّ كفرٍ وإشراكٍ في العالم (٢)، ولفساد كلِّ عقلٍ ودين، فالقرآن قد أثبت لله غيرًا في غير موضع، كقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: ١٤]، وقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: ١١٤]، وقوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٦٤]، وقوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر: ٦٤].


(١) لم أقف عليه فيما نظرت من كتب ابن سبعين ورسائله، وهو مثالٌ لكلامه المستغلق الذي وصفه الإمام ابن دقيق العيد بقوله: جلستُ مع ابن سبعين من ضحوةٍ إلى قريب الظهر، وهو يسرد كلامًا تُعْقَل مفرداتُه ولا تُعْقَل مركَّباتُه!
وانظر للقول في غموض أسلوبه وإبهامه ما كتبه أبو الوفا التفتازاني في "ابن سبعين وفلسفته الصوفية" (٩٠ - ٩٧).
(٢) الأصل: "العلم". وهو خطأ، وليس من عادة الناسخ إسقاط الألف. وانظر: "بيان تلبيس الجهمية" (٥/ ٤٨، ٦/ ٦٠٩)، و"مجموع الفتاوى" (٢/ ٢٥٥، ٤٧٧).