للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

والذي يصنع من الأصناف الأربعة إن خرج عن كونه قوتًا كالنَّشا ونحوه لم يكن من الربويات، وإن كان قوتًا كان جنسًا قائمًا بنفسه، فلم يحرم بيع الخبز بالهريسة، ولا بيع الناطف (١)

بالحبّ، فإن هذه الصنعة لها قيمة، فلا تضيع على صاحبها كالحلية، ولم يُحرِّم بيعَ بعضِ ذلك ببعضٍ لا نصٌّ ولا إجماعٌ ولا قياسٌ، بل هذه الأجناس المختلفة يباع بعضُها ببعضٍ متفاضلًا.

والنزاع في مسألة بيع اللحم بالحيوان مشهور، وحديثُه من مراسيل سعيد بن المسيب (٢)، وهو ــ إذا ثبت ــ فيما إذا كان الحيوان مقصودًا للَّحم، كشاةٍ يريدون ذبحها يبيعونها بلحم، يكون قد باعُوا لحمًا بلحمٍ أكثر منه من جنسٍ واحدٍ، واللحم قوتٌ مطعوم يوزن، فما كان مثله ألحق به.

ولا يلزم إذا حرم البيع لما فيه من الضرر أن يحرم ذلك في الاستيفاء، مع أنه منفعة بلا ضرر. مثال ذلك مسألة «عَجِّلْ لي وأَضَعُ عنك»، مثل أن يكون له عند رجلٍ مئة درهم مؤجلة، فيقول له: عَجِّلْ لي تسعين وأضَعُ عنك عشرة. فقد قيل: إن هذا لا يجوز، لأنه بيع مائة مؤجَّلةٍ بتسعين حالة. وقيل: يجوز كما نُقل عن ابن عباس وغيره، ورواية عن أحمد. وهذا أقوى، فإنه رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أَذِن في ذلك


(١) ضرب من الحلوى يصنع من اللوز والجوز والفستق. قال أبو نواس:

يقول والناطفُ في كفِّه ... من يشتري الحلو من الحلوِ
(٢) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٦٥٥) مرسلًا. وروي موصولًا ولا يصح.