للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربّه: «من تقرّب إليَّ شِبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، ومن تقرّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» (١).

فجوابه من وجوه (٢):

أحدها: أن يُعلَم (٣) أولًا أنّ هذا الحديث ليس فيه إخبارٌ مطلق عن الله بمشيٍ وهرولةٍ، وإنما هو معلّقٌ بفعل العبد، مذكورٌ على سبيل الجزاء والمقابلة، فقال: «من تقرَّب إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، ومن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة».

فتقرُّب العبد إلى ربّه [لو كان] (٤) مقدّرًا بالمساحة متضمِّنًا للمشي، أمكن أن يقول القائل: فظاهر هذا الحديث أن تقرّب الرّب كذلك، وإن كان العبد يعلم أن تقرّبه إنما هو [بإيمانه] (٥)، وعمله الصالح، فكيف يظنّ في تقرّب الربّ ما لا يظنه في تقرّبه بنفسه؟!

والغرض اقتراب أحد المتقرّبين بالآخر، أو ذِكْره لأحدهما على


(١) أخرجه البخاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢٦٧٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) انظر أيضًا «بيان تلبيس الجهمية»: (٨/ ١٦٤ - ٢٠٥)، و «مجموع الفتاوى»: (٥/ ٤٦٤ - وما بعدها).
(٣) الأصل: «أنه فليعْلَم».
(٤) بياض بمقدار كلمتين، فلعله ما أثبتّ.
(٥) بياض بالأصل. فلعله ما أثبتّ.