للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونباته. والحرم الذي اتفق عليه المسلمون حرمُ مكة، وأما المدينة فلها حرم محرَّم عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي وأحمد؛ كما استفاضت بذلك الأحاديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وما سوى ذلك فليس بحرم باتفاق المسلمين، إلا وادي وَجّ (١) الذي بالطائف، فإن الشافعي قال: إنه حرم بحديثٍ رُوي في ذلك رواه أحمد في "المسند" (٢)، وأما جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد فليس ذلك بحرم عندهم، وضعّفوا الحديثَ المرويَّ في ذلك. وما سوى هذه البقاع الثلاثة فليس حرمًا باتفاق المسلمين.

والعلماء قد تنازعوا [ق ٧٤] في تعريف الإنسان بمِصْره، مثل من يذهب عشيّة عرَفَة إلى مسجد بلده يدعو فيه ويذكر الله تعالى، فكَرِه ذلك مالك وأبو (٣) حنيفة وغيرهما، ورخَّص [فيه] أحمد بن حنبل، ولكنه لم يكن يفعله ولا يأمر به، ولم يُنقل عن الشافعي فيه شيء. وأحمد إنما رخَّص فيه قال: لأنه رخَّص فيه ابنُ عباس بالبصرة،


(١) الأصل: "قرج" تحريف.
(٢) (١٤١٦). وأخرجه أبو داود (٢٠٣٤)، والبيهقي: (٥/ ٢٠٠) من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه. ومداره على محمد بن عبد الله الطائفي وليس بالقوي، قال البخاري: لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: لا يصح حديثه، وضعفه أحمد، والنووي والدارقطني وغيرهم. وحسنه المنذري وصححه ابن الملقن. انظر "البدر المنير": (٦/ ٣٦٧ - ٣٧٠).
(٣) الأصل: "أبي".