للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الفقهاء المعتبرون وسلفُ الأمة وأئمتُها وجمهورُها وجمهورُ متكلميها فعلى خلاف [هذا] (١) القولِ، وإثباتِ الحكمة والرحمة في خلقِه وأمرِه، وإثباتِ لامِ كَيْ في خلقِه وأمرِه، كما دَلَّ على ذلك الكتابُ والسنةُ مع المعقول الصريح، فاتفق على ذلك الكتابُ والميزانُ والسلفُ والفقهاءُ. وجمهورُ الأئمة وأكثرُ طوائفِ الكلام يُنكِرون (٢) قولَ المعتزلة المكذبين بالقدر، وقولَ هؤلاء الجهمية المكذبين بالحكمة والرحمة، فلا يقولون بقول القدرية ولا قول الجهمية.

وعامةُ البدع الحادثة بالمعقول الفاسد (٣) في أصول الدين هي من قول هاتين الطائفتين: الجهمية والقدرية، فالجهمية هم رءوس الجبرية الذين أنكروا حكمتَه ورحمتَه، والقدرية أنكروا قدرتَه ومشيئتَه، فأولئك أثبتوا له نوعَا من الملك بلا حَمْدِ، وهؤلاء أثبتوا له [نوعًا] (٤) من الحمد بلا ملك. والصوابُ ما عليه سلفُ الأمة وأئمتها وأهلُ السنة والجماعة: أنه سبحانه/ [١٦٣ ب] له الملك وله الحمد، بل له كمالُ الملك وله كمالُ الحمد.

وكلتا (٥) الطائفتين ناظرتِ الفلاسفةَ الدهريةَ في خَلْقِ الرب


(١) زيادة على النسختين ليستقيم السياق.
(٢) س، ع: "منكرون".
(٣) ع: "بالعقول الفاسدة".
(٤) الزيادة من "إعلام الموقعين" (١/ ٣٣٦).
(٥) س: "كلا".