للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "وقتُ الظهر ما لم يَصِرْ ظِلُّ كلِّ شيء مِثلَه، ووقتُ العصرِ ما لم تَصْفَرَّ الشمسُ، ووقتُ المغرب ما لم يَغِبْ نُورُ الشَّفَقِ، ووقتُ العشاءِ إلى نصفِ الليل، ووقتُ الفجر ما لم تَطلُع الشمسُ".

وقد رُوِيَ هذا الحديث من حديث أبي هريرةَ في السنن (١)، ولم يُروَ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديثٌ في المواقيت من قوله إلا هذا، وسائرُ ما رُوِيَ فِعْل منه، والأحاديثُ الصحيحةُ المتأخرة من فعلِه تُوافقُ هذا الحديث.

ولهذا ما في هذا الحديث من المواقيت هو الصحيح عند الفقهاء العارفين بالحديث، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بل أصحُّهما.

والنزاعُ بين العلماء في آخر وقت الظهر، وأوّلِ وقتِ العصر وآخرِه، وآخرِ وقتِ المغرب، وآخرِ وقتِ العشاء، وآخرِ وقتِ الفجر.

فالجماهيرُ من السلف والخلف من فقهاء الحديث وأهل الحجاز وقتُ الظهر عندهم من الزوالِ إلى أن يصيرَ ظِلُّ كلِّ شيء مثله سوى الفيْء الذي زالت عليه الشمسُ. وهذا مذهب مالك والشافعي وأَحمد وأبي يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: إلى أن يَصِيرَ ظِلُّ كلِّ شيء مِثلَيْه. ثم يدخلُ وقتُ العصر عند الجمهور، وعند أبي حنيفة إنما يدخلُ إذا صارَ ظِل كل شيء مثلَيْه. ونُقِلَ عنه أنَّ ما بين المثلِ إلى المثلَيْن ليس وقتًا لا للظهر ولا للعصر. وعلى قول الجمهور هل هذا آخرُ هذا أَو بينهما قَدْرُ أربع ركعاتِ مشترك؟ فيه نزاعٌ، فالجمهور على الأول، والثاني منقول عن مالك. وإذا صار ظلُّ كلّ شيء مثلَيْه خرجَ وقتُ العصر في إحدى الروايتين عن أحمد، وهو منقول عن مالك والشافعي مع خلافٍ في


(١) الترمذي (١٥١).