الهجرة المشروعة كقوله تعالى:{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر: ٥]، وقوله:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ}[الأنعام: ٦٨]، وقوله:{وَتَوَلَّ عَنْهُمْ}[الصافات: ١٧٨]، وقوله:{وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا}[المزمل: ١٠]، وهجرة الصحابة إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وهجرة المسلم من دار الكفر إلى دار الإسلام، وهجرة الناس من دار الفجور والبدعة إلى دار البر والسنة، وهجران المعلنين بالمعاصي والمظهرين للبدع، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهجرة الثلاثة الذين خُلِّفوا، وأمر عمر بهجر صَبيغ بن عِسْل، وأمر الأئمة بهجران الدُّعاةِ إلى البدع بحيثُ لا يُتَّخذون حُكَّامًا ولا شهودًا ولا أئمةً ولا مفتين ولا محدِّثين، ولا يُجالَسون ولا يُخاطَبون ونحو ذلك. كل هذا له مقصودانِ:
أحدهما: اشتمال ذلك على أداء الواجبات وترك المحرَّمات، فإن هجران الذنوب تركُها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المهاجر مَن هجَر ما نهَى الله عنه"(١). والهجرةُ من دار الحرب ليتمكن المسلمُ من إقامة دينِه ولوائِه الجهاد. ولئلا يقع فيما هم فيه. وكذلك هجرانُ قُرناءِ السُّوءِ، لئلا يرى القبيحَ ويسمعه فيكون شريكًا لهم، كما قال تعالى:{إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}