للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كلُّه- الذي عليه هُمْ- شعبةٌ قوية من شعب دين النصارى، الذين (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون (٣١) (١).

وقد أمرنا الله أن نقول في صلوِاتنا: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّين (٧)) (٢) قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالّون" (٣). فاليهود شبَّهوا الخالق بخلْقِه، فوصفوه بصفات النقص والعيب، كالفقر والبخل واللُّغوب. والنصارى شبَّهوا المخلوق بالخالق، فوصفوه بصفات الإلهيّة التي لا يستحقها إلاّ الله، حتى أشركوا بالله ما لم يُنزِّل به سلطانًا. ولهذا قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (١٧)) (٤).

وقال تعالى: (الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ


(١) سورة التوبة: ٣١.
(٢) سورة الفاتحة: ٦ - ٧.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٣٧٨) والترمذي (٢٩٥٣، ٢٩٥٤) من حديث عدي بن حاتم، ضمن حديث طويل. قال ابن كثير في "تفسيره" (١/ ١٤٢): وقد روي حديث عدي هذا من طرق، وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها.
(٤) سورة المائدة: ١٧.