للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُغَطُّوها ويستروها" (١)، وذلك لأن المعصية إذا أُعلِنَت وجب إنكارُها، وإذا سُتِرَت لم تضرَّ إلا صاحبَها.

وما علمتُ أحدًا من أتباعهم أباحها.

ولفظ الشافعي - رضي الله عنه - فيها مُمَرَّض؛ فإنه قال: "النَّرد حرام، والشِّطْرَنج أخفُّ منه، ولا يتبيَّنُ لي تحريمُه" (٢)، فلفظُه صريحٌ في التوقُّف في التحريم، لا في نفي التحريم، وبينهما فرقٌ بيِّن.

وأما الجماهير فجزموا بالتحريم؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} إلى قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [المائدة: ٩٠ - ٩١].

والشِّطْرَنج من المَيْسِر، إما لفظًا ومعنًى، وإما معنًى؛ فإنه قد قال غير واحدٍ من السلف، منهم القاسم بن محمد: "الشِّطْرَنج من المَيْسِر" (٣).


(١) انظر: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للخلال (٦١). وقد فعل ذلك ابن تيمية مرة في حادثةٍ تدل على شجاعةٍ ورباطة جأش. انظر: "العقود الدرية" (٣٥٢).
(٢) لم أجده بهذا اللفظ في "الأم" (٦/ ٢٢٤)، ولا فيما نقله الشافعية عنه. انظر: سنن البيهقي (١٠/ ٣٥٧)، و"المعرفة" (١٤/ ٣٢٢)، و"الحاوي" (١٧/ ١٧٧)، و"البيان" (١٣/ ٢٨٧)، و"عمدة المحتج" (١٦٠, ١٦١)، وغيرها.
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (٩٢)، والخلال في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (٦٣)، والآجري في "تحريم النرد والشطرنج والملاهي" (٢٦، ٢٨).
وروي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في الشطرنج: "هو ميسر الأعاجم". أخرجه البيهقي (١٠/ ٣٥٨) من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن عليٍّ به. قال البيهقي: "هذا مرسل، ولكن له شواهد". وقال ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (٢/ ٤١٩): "هذا منقطعٌ جيد؛ لأن أهل الرجل أعلم بحديثه".