للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولفظ البخاري (١): جاء ثلاثة رهط بيوتَ أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسألون عن عبادة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فلما أخبروا كأنهم تَقَالُّوها! فقالوا: وأين نحن من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم: أما أنا فإني أُصلِّي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدَّهر أبدًا. وقال الآخر: أنا اعتزل النساء فلا أتزوج. فجاء رسول الله [فقال]: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأَرْقُد، وأَتزوَّجُ النِّساءَ، فَمَن رَغِبَ عن سنَّتي فليسَ مِنِّي".

وفي الصحيحين (٢) عن سعد بن أبي وقاص قال: رَدَّ رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عثمان بن مَظْعُونٍ التبتَّل، ولو أذِنَ له لاخْتَصينا.

وفي صحيح البخاري (٣) وغيره عن ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلاً قائمًا في الشَّمس فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم في الشمس ولا يجلس ولا يستظل وأن يصوم، فقال: "مُرُوه فلْيَجْلِس، وليَسْتَظِلَّ وليَتكلم وليتِمَّ صومَه".

فلما كان هذا النَّاذِرُ نَذَرَ ما هو سُنَّة وما هو بدعة أَمَرَه بالوفاء بالسنة دون البدعة، كما في صحيح البخاري (٤) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "مَن نَذرَ أن يُطيعَ الله فليُطِعْهُ، ومَن نذر


(١) في الموضع المذكور.
(٢) البخاري (٥٠٧٤) ومسلم (١٤٠٢).
(٣) برقم (٦٧٠٤).
(٤) برقمي (٦٦٩٦، ٦٧٠٠).