للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجة إذا كان البذر من أهل خيبر، فإن المستأجر للأرض هو الذي يبذر فيها، لا يبذر رب الأرض. ولهذا قال أبو الخطاب: هذه النصوص الكثيرة عن أحمد تدلُّ على أنه جوَّز المزارعة ببذر من العامل، كما ثبت في الصحيح (١) أنه عاملهم على أن يعمروها من أ موالهم. وحينئذٍ فكيف يجوز إلحاقُ فرعٍ بهذا الأصل مع مخالفته؟

ودَلَّ ذلك على أن الرواية التي اشترط فيها أن يكون البذر من المالك قياسًا على المضاربة قالها موافقة لمن قال ذلك، وهي مخالفة لهذه السنة التي قاس عليها. وأحمد أصوله توجب اعتبار المقاصد والمعاني دون مجرد اللفظ، كما يعتبرها مالك رحمه الله وغير مالك من أهل المدينة. وفقهاء الحديث وفقهاء المدينة متفقون على هذا الأصل، وهو رعاية المقاصد في العقود.

وأبو حنيفة يقول: الجنس بانفرادِه يحرمُ فيه النَّساء، وهو الرواية الأخرى عن أحمد واختياره، فلا يجوز بيع الشيء بمثله نَساءً. والقرض حجة على هذا القول، فإنه يجوز القرض، قرض الشيء بمثله مع التأخير. لكنْ أبو حنيفة يقول: أنا لا أجيز القرض إلا في المثليات، لا أجيزه إلا في المكيل والموزون. ومالك ليس عنده ربا الفضل، بل فيها ربا النساء، فهذا يجيب عن القرض.

لكن الأكثرون يجوزون قرض الحيوان استدلالًا بالسنة، وأن النبي


(١) أخرجه البخاري (٢٣٢٨) ومسلم (١٥٥١) من حديث ابن عمر.