للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في الإسلام وضدّه

قد كتبنا في غير هذا الموضع في مواضعَ أن الإسلام هو الاستسلامُ لله وحدَه، فهو يجمعُ معنيين: الانقياد والاستسلام، والثاني إخلاص ذلك لله، كما قال تعالى: (وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ) (١) أي خالصًا له، ليس لأحدٍ فيه شيء. وإنه يُستعمل لازمًا ومتعديًا، فالأول كقوله: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١)) (٢)، وقوله: (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦٦)) (٣)، وقوله: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا) إلى قوله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (٤). وهو هذا الإسلام الذي هو الاستسلام لرب العالمين.

وقد يُستعمل متعديًا في مثل قوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (٥)، وفي قوله: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) (٦). فهنا لما كان مقيَّدًا بإسلام الوجه قرن به الإحسان، لأن إسلام الوجه له هو يتضمن إخلاص القصد له، فلا بدَّ مع ذلك من الإحسان، ليكون


(١) سورة الزمر: ٢٩.
(٢) سورة البقرة: ١٣١.
(٣) سورة غافر: ٦٦.
(٤) سورة آل عمران: ٨٣ - ٨٥.
(٥) سورة النساء: ١٢٥.
(٦) سورة البقرة: ١١٢.