للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخلوقات. وقد نقلها قوم صحيحو الاعتقاد من الصوفية، وأخذوا ما فيها من وصف الحبّ وأهله، وتنازع الفريقان قولَه:

ولي من أتمِّ النظرتينِ إشارةٌ ... تنزّه عن رأي الحلول عقيدتي (١)

فأولئك المنافقون يقولون: إنه صعد عن الحلول إلى الاتحاد، بل إلى وحدة الوجود، فإن الحلول فيه حال ومحل، وهذا يثبته، وإنما الوجود شيء واحد، فهذا أراد. وهؤلاء المؤمنون يقولون: بل أراد إثباتَ عبوديته لله، وأنه لا يحلّ مخلوقاته، بل هو بائن من خلقه، كما هو مذهب المسلمين أهل السنة والجماعة.

لكن من تأمَّل بقية هذه القصيدة، وتأمَّل هذه الأبيات وما بعدها وجدها صريحةً في مذهب الاتحادية المنافقين الفرعونية القرامطة، وعلم أن نفَسَه ونفَسَ التلمساني هو نفَس ابن العربي، وأن هؤلاء كلهم قولهم كفر صريح معلومٌ فسادُه بالاضطرار العقلي والشرعي والاضطرار الذوقي أيضًا، ولكن لكثرة ما يصفونَ جنسَ الحبِّ يبقى في كلامهم إبهام.

وكذلك الأصوات المثيرة للوجد والطرب تحرِّك كلَّ قلبٍ إلى مطلوبه، فيشترك فيها: محب الرحمن، ومحب الأوثان، ومحب الصلبان، ومحب النسوان، ومحب المردان، ومحب الأوطان، ومحب الإخوان. ولهذا لم تجئ الشريعة بهذا السماع، ولا فعلها القرون الثلاثة


(١) البيت من تائية ابن الفارض في ديوانه ().