للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حضور الموت فهي كالتوبة يوم القيامة، قال تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: ١٨]، وقال: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٨) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (٩٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} [آل عمران: ٨٦ - ٩١]. وقد فسّروا ازديادهم كفرًا بأنهم أصرُّوا عليه إلى الموت، فلن تُقبل توبتُهم عند الموت، وذلك ــ والله أعلم ــ لأنه حين الموت وقع مبادئ الجزاء، فلم يكن ثمَّ زمنٌ يتسع لأنْ يرجعوا عن السيئات، فتنقص أو تذهب، بل حصلت بالإصرار في زيادة بلا نقصان. ولو تاب أحدهم قبل الموت لم يكونوا قد ازدادوا كفرًا، بل ذهب الأصل والزيادة، فإنهم بدَّلوا السيئات بالحسنات، وأما عند الموت فقد ازدادوا بالإصرار، ولم يكن هناك وقت يذهب، لا هذا ولا هذا.

فقوله: {ثُمَّ ازْدَادُوا} في معنى قوله: واستمروا على كفرهم وأصرّوا على كفرهم، ونظيرها قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ