والأئمة الأربعة وجمهور العلماء متفقون على أنه متى تعطلت المنفعة المقصودة بالعقد انفسخت الإجارة. مثل أن يستأجر ظئرًا، فيموت في أثناء المدة؛ أو يستأجر جمالاً أو حميرًا للركوب أو الحمل، فيموت قبل التمكن من استيفاء المنفعة؛ ونحو ذلك مما يتلف فيه العين المستأجرة، فإنه ينفسخ الإجارة عند الأئمة الأربعة. وقال أبو ثور: لا ينفسخ الإجارة إذا كان المستأجر قد تسلَّم العين المستأجرة، وإن تلفت عقب التسلُّم، لأن ذلك تلف بعد القبض، فأشبهَ ما لو تلف المبيع بعد القبض، فإنه يكون من ضمان المشتري، فكذلك إذا تلف الموجود بعد القبض كان من ضمان المستأجر، لاسيما من يقول: إنه لا يوضع الجوائح في الثمر المبيع بعد بُدُوّ صلاحه إذا تلف بعد قبض المشتري، فإن هذا قياس قوله، لأنه يقول هناك قد تلف بعد القبض، وإن كان المشتري لم يتمكن من الجداد والحصاد، كذلك المنافع هنا تلفت بعد القبض، وإن كان المستأجر لم يتمكن من استيفاء المنفعة بالبيع عند الأكثرين، كمالك والشافعي وأحمد في أقوى الروايات.
ولولا قبضه لها لما جاز ذلك، وله أن يربح فيها عندهم، مع النهي عن الربح فيما لم يضمن، فدل ذلك على أنها من ضمانه.
ومذهب الجمهور هو الصواب، لما روى مسلم في صحيحه (١) عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو بعتَ من أخيك تمرًا، فأصابته جائحةٌ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بمَ تأخذ مالَ أخيك بغير حق؟ ".