للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستحاضة (١).

ولم يأمر عمرَ وعمَّارًا أن يقضيا ما تركاه من الصلاة لمَّا أجنَبا، فعمرُ لم يصلِّ، وأما عمَّار فتمرَّغ كما تمرَّغ الدابة (٢).

ولم يأمر أبا ذرٍّ لما كان يُجْنِب ولا يصلي بالقضاء (٣).

ولم يأمر من كان يأكل حتى يتبين له الحبلُ الأبيض من الحبل الأسود [بقضاء الصيام] (٤).

إلى أمثال ذلك.

بل كان يأمرهم باستئناف العمل بما أُمِروا به، وما تركوه جاهلين بوجوبه لا يقضونه؛ لأن حكمَ الخطاب إنما يثبتُ في حقِّ المكلفين بعد بلوغ الخطاب.

وإذا تعمَّد تفويتَ الصلاة والصيام، مع علمه بالوجوب، فهذا فعلُه من الكبائر، لا يَسْقُط عنه العقابُ ولو قضاه إلا بالتوبة. لكن هل يَخِفُّ (٥) عنه؟ فيه قولان، والأظهر أن القضاء لا ينفعه، وإنما تنفعه التوبة، وإذا تاب تاب الله


(١) في الحديث الذي أخرجه البخاري (٢٢٨)، ومسلم (٣٣٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧)، ومسلم (٣٦٨).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٣٢)، وصححه ابن حبان (١٣١١).
(٤) أخرجه البخاري (١٩١٦، ١٩١٧)، ومسلم (١٠٩٠، ١٠٩١). وما بين المعقوفين زيادة تقديرية يقتضيها السياق.
(٥) يعني العقاب أو الإثم. انظر: "منهاج السنة" (٥/ ٢٣٣). وفي "الفتاوى" (٢٢/ ٣٩): "يخفف"، وهي الموافقة لنظم القرآن.