للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَفَل عن هذه السنة. وأمّا قَصْر غير المكيين فلأنَ القصرَ ليسَ من خصائص الحج ولا متعلقاً به. وإنما هو متعلق بالسفَر طَرداً وعَكْساً.

وكلامهم في هذه المسألة تقتضيْ أن ما قيل فيه إنَه خالفَ القياسَ في صور الاستحسان فلا بد أن يكون قياسُه فاسداً، أو أن يكون تخصيصُه بالاستحسانِ فاسداً، إذا لم يكن هناك فَرْق مُؤثر. وهذا هو الصواب في هذا الباب.

قالوا (١): واحتجَّ المخالفُ بأن إثباتَ الشيء لا يَصحُّ مع وجودِ ما يُنافِيْه، فلما كان القياسُ مانعاً مما وردَ به الأثرُ لم يَجُزْ لنا استعمالُ القياسِ فيه، لأنه لو جازَ ذلك لم يكن فرق بينه وبين سائر الأصولِ التي يُمنَع قياسُها منه. فكانَ يَخرجُ حينئذٍ من كوبه مخصوصاً من جملةِ القياسِ.

قالوا: والجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أنّا لا نُسلمُ أن هاهنا ما يُنافِيْه، لأنّ المنافاةَ تكون بدليلٍ خاص، وما يذكرونه في هذه المسائل ليس بدليل خاص لما نذكره من التأويل.

والثاني: أن المنافاةَ إنّما تَحصُلُ بقياسِه على غيرِه في إسقاطِ حكم النص، فأمّا قياسُ غيرِه عليه فلا يُنَافيْه، لأنه لا يُسْقِطُ حُكْمَ النصِّ عندهم، فيصح القياسُ عليه (٢).


(١) الكلام لأبي يعلى في العدّة ٤/ ١٤٠٨.
(٢) انتهى كلام أبي يعلى.