للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحب ويرضى شيئًا دون شيء، وذلك في مفعولاته وأفعال عباده، فهو فعل لوجود ما يحبه ويرضاه، ومراده وجود المحبوب المرضي، وهو ألوهيته وكونه هو المقصود المراد، وإن كان في ضمن ذلك قد فعل ما أراده، وهو لا يحبه ويرضاه، لأن فعله له وسيلة إلى ما يحبه ويرضاه، فهو مراد بالقصد الثاني. وقد بسطنا في غير هذا الموضع من كلامنا في القدر، وتكلمنا على أنواع تتعلق بذلك.

ومن هنا يعرف قوله عليه الصلاة والسلام: "والشرّ ليس إليك" (١)، فإن الله إليه المنتهى من جهة إلهيته، والشر لا ينتهي إليه، ولا يصعد إليه، ولا يصل إليه، ولا يحبه، ولا يرضاه، فهو قطع له من جهة الألوهية، وهذا نحو قول من قال: لا يتقرب به إليك، ألا ترى كيف قال في الأضحية: "اللهم منك ولك" (٢).

لكن قد يُقال: المعروف إن قال: هذا العمل لله، فكان مناسبه أن يُقال: والشرّ ليس إليك. وأما "إلى" فيُعدَّى بها الفعل، كما قال الخليل عليه السلام: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩)) (٣)، وقال: (إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا) (٤).

فيقال: وقد قال (٥):


(١) أخرجه مسلم (٧٧١) من حديث علي.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٧٩٥) وابن ماجه (٣١٢١) من حديث جابر.
(٣) سورة الصافات: ٩٩.
(٤) سورة الانشقاق: ٦.
(٥) شطر بيت سبق ذكره وتخريجه.