للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن الرجاء بفضل الله ورحمته، وإن كان العبد قد فعَل عملًا صالحًا، فإن العمل الصالح غايته أنه سببٌ للخير، ولو أقام الله سببًا أكملَ منه للخير لكان (١) الواجبُ على العبد أن لا يرجو إلا رحمة الله، ولا يتوكَّل إلا عليه، لا على الأسباب المخلوقة؛ فإنه سبحانه خالقُها وخالقُ العمل الصالح وسائر الأسباب، ومع هذا فليس من الأسباب ما هو موجِبٌ لا محالة إلا بمشيئة الله تعالى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

فما من سببٍ يلتفتُ إليه العبد [إلا] (٢) وهو يقفُ على شروطٍ ويتخلَّفُ عنه لموانع، فالعمل الصالح قد يَحْبَط، وقد يكون له من السيئات ما يعارضه، وقد لا يكون في نفسه صالحًا؛ لكون العبد لم يتَّقِ الله فيه.

وسائر ما ينظر إليه في أمر الرزق والنصر والهدى شأنُه كذلك، فليس في الأسباب ما هو مستقلٌّ، وهي جميعُها من الله وحده لا شريك له، لا قيام لها إلا بمشيئة الله وقدرته.

فـ "لا حولَ" وهي الحركة والتحوُّل من حالٍ إلى حال، و"لا قوَّة" على ذلك الحَوْل إلا به، سواءٌ في ذلك الحولُ والقوَّة الموجود (٣) في السَّماء، والأرض، والآدميِّين، والملائكة، والجنِّ، وسائر الدوابِّ، وغيرها.


(١) الأصل: "لكن"، وليس من عادة الناسخ إسقاط الألف.
(٢) بياض في الأصل. وبما أثبت يستقيم السياق.
(٣) كذا في الأصل بالإفراد، وسبق نظيره.