للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصف، وإلى ما يتحدانِ في الجنس دون النوع. وهذا كثير لمن تأمله، وعليه تنبني مسائل «الخصائص» و «ألفاظ القرآن» للراغب وغير ذلك ممن يحوم على أن يجعل أصل معنى الحروف شيئًا واحدًا ثمَّ يُفصِّله في تصاريفه.

فأصل «الردّ» الرَّجْع، والرجع يقتضي تصييَره إلى حالٍ ثانية كان عليها، فصار فيه معنى التثنية، وصار الترديد والترجيع يُعبَّر به عن التثنية، كما في قوله: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: ٤]. فصارت (١) الرجوع تارةً يُعتبر في ذات فقط وإن اختلفت (٢) محالُّه، كرد اليمين وردّ الفاضل عن الفروض. وتارةً يُعتَبر فيه المحل وهو الأصل والأول إنما يُسمَّى ردًّا بالتقييد، كقوله: ردّه على هذا. ثم تارةً يكون ردُّه ثانيًا مع بقاء الحال الأولى، وتارةً يكون مع بطلانِ الحالِ الأولى، إما الموجودة وإما المقدرة، فيكون الردّ الذي هو خلاف القول من هذا الوجه؛ لأن العمل كان قد ذهب إلى محلّ، فردَّ عن ذلك المحلّ إلى صاحبه، فمن يفهم هذا الباب يكون قد فهِمَ ارتباطَ المعاني والحقائق التي هي مدلول الألفاظ وتناسبها، كما أن فهم الأول يكون من معرفة ارتباط الحروف بعضها ببعض.


(١) كذا في الأصل.
(٢) في الأصل: «ختلفت».