للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) (١)، وقال: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (٢). ولهذا أمر الله رسولَه أن يقول لأهل الكتاب: (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ) الآيةَ (٣).

فالإسلام يتضمن العدلَ، وهو التسوية بين المتماثلين والتفريق بين المتفاضلين من المخلوقات، إذ ذلك من الإسلام لله ربّ العالمين وحدَه، فإنه إذا كان الدين كله للهِ وكانت كلمةُ الله هي العليا كان الله يأمر بالعدل وينهى عن الظلم. وأصل العدل هو القسط، والقسط هو الإقساط في حق الله تعالى بان لا يُعدَلَ به غيرُه ولا يُجعَلَ له شريك، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمعاذ: "حقُّ اللهِ على عبادِه أن يعبدوه لا يُشرِكون به شيئا" (٤). فإذا لم يُسلِموا له بل عَدَلوا به غيرَه كان ذلك ظلمًا عظيمًا، وإذا فعلوا هذا الظلمَ في حق الله فهم في حقوقِ العباد أظلم، والتسوية بين المتفاضلين ظلم، كما أن التفضيل بين المتماثلين ظلم، والشركُ من نوع الأول كما قال تعالى: (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)) (٥)، والاستكبار قد يكون من نوع الثاني، والإسلام يتضمن العدلَ كلَّه، كما أنه ينافي الشرك والكبر.


(١) سورة الحديد: ٢٥.
(٢) سورة الأعر اف: ٢٩.
(٣) سورة آل عمران: ٦٤.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سورة الشعراء: ٩٨.