للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ) (١). وقد ثبتَ في الصحيح (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "ثلاثةٌ لا يكلِّمهم الله ولا يَنظُر إليهم يومَ القيامة، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: رجلٌ حَلَفَ على سِلْعَة بعد العصر كاذبًا لقد أُعطِيَ بها أكثر مما أعطي. ورجل على فَضْلِ ماءٍ يمنعُه من ابن السبيل، فيقول الله له: اليومَ أَمْنَعُك فَضْلِي كما مَنَعتَ فَضْلَ ما لم تَعملْ يداك. ورجل بايعَ إمامًا لا يُبايعُه إلا للدنيا، إن أعطاه رَضِي، وإن مَنَعَه سَخِط". فذكر اليمين الفاجرةَ بعد العصر.

ويُقال: إنّ وقتَها وقمت تُعظمُه الأممُ كلُّها، ولذلك أمر الله بالاستحلاف فيه لغير المسلمين. والمحافظة على الصلاة تُوجبُ تعظيمَه وحِفْظَ وقتِها حتى لا يُضيعَ حتى يخرج الوقت، وليسَ في مواقيت الصلوات ما لا يتميَّز أولُه بفصلٍ يُحَسُّ إلا وقت العصر، فإن الفجر يتميزُ أولُ وقتِها وآخرُه بطلوع الفجر وطلوع الشمس، والظهر يتميزُ أولُ وقتها بالزوالِ، وآخرُ وقتِها وإن لم يكن متميزًا فيجوز تأخيرُها إلى وقت العصر للعذر، فلا يفوت إلا بفوات وقت العصر. والمغربُ يتميزُ أولُ وقتِها وآخرُه بغروب الشمسِ وغروب الشفَق. وعشاءُ الآخرة يتميزُ أولُ وقتِها بمغيب الشفق، وآخرُ وقتهَا وإن لم يتميَّزْ تميُّزًا في الحسّ لكنّه يُمَدُّ للعذَر إلى طلوع الفجر كالظهر. والصلاة التي يُمكِن تأخيرُها إلى ما بعد الوقت الخاصّ للعذر، لا يُخاف من فوتها ما يُخاف من فوتِ الصلاة التي لا يُمكن تأخيرها،


(١) سورة المائدة: ١٠٦.
(٢) البخاري (٢٣٥٨) ومسلم (١٠٦) عن أبي ذر.