للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)) (١). فبيَّن سبحانه أن اتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا كفرٌ، وهذا إنما كان بدعائهم من دون الله، لا بأنهم اعتقدوا أنهم شاركوه في خلق السماوات والأرض، فإنّ هذا لم يَقُلْه أحدٌ.

ولهذا قال عن النصارى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)) (٢). فبيَّن أن النصارى مشركون من حيث اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيحَ ابن مريم، ولم يقل أحد من النصارى أن الأحبار والرهبان شاركتِ الله في خلق السماوات والأرض. فإذا كان الداعي المستغيث بمن مات من الأنبياء مشركًا فكيف من دَعا ميّتًا غيرَ الأنبياء واستغاث به؟!

ولهذا كانت زيارة القبور على وجهين: زيارة بدعية، وزيارة شرعية.

فالزيارة الشرعية مقصودُها الدعاءُ للميت كما يُصلَّى على جنازته، فيقال فيها (٣): "السلامُ عليكم دارَ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافيةَ في الدنيا والآخرة، اللهمَّ لا تَحْرِمْنا أجرَهم، ولا تَفْتِنَّا بعدَهم، واغفر لنا ولهم". فهذا من جنس الصلاة على الميت.


(١) سورة آل عمران: ٧٩ - ٨٠.
(٢) سورة التوبة: ٣١.
(٣) أخرجه مسلم (٩٧٥) عن بريدة، دون الجزء الأخير، فهو من الدعاء في صلاة الجنازة.