للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الصدقة عن الميت فإنها تنفعه، كما ثبت ذلك بنص سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واتفاق أئمة المسلمين، ففي الصحيح (١) أنه قال سعد: يا رسول الله! إنّ أمي افْتُلِتَتْ نفسُها، وأراها لو تكلمتْ لتصدقتْ، فهل ينفعها إن أتصدق عنها؟ قال: "نعم"، وأما إخراجُ الصدقة مع الجنازةِ فبدعة مكروهةٌ، وهو يشبه الذبح عند القبر، وهذا مما نَهى عنه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما في السنن (٢) عنه أنه نهى عن العَقْر عند القبر. وتفسيرُ ذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا مات فيهم كبيرٌ عَقَروا عند قبره ناقة أو بقرة أو شاة أو نحو ذلك، فنهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، حتى نص بعضُ الأئمة على كراهةِ الأكل منها، لأنه يُشبهُ الذبحَ لغير الله. قال بعض العلماء: وفي معنى ذلك ما يفعلُه بعضُ الناس من إخراجِ الصدقات مع الجنازة من غنم أو خبز أو غير ذلك، وهذا فيه عدةُ مفاسدَ:

منها: أن مُشَيعي الجنازة تَشتغِلُ قلوبُهم بذلك.

الثاني: أنه يتبعُ الميتَ من ليس له غرض إلاّ في أخذِ ذلك.

الثالث: أنهم يختصمون عليها.

الرابع: أنه يأخذها الغالبُ غيرَ مستحق ويُحرَمُ المستحق.


(١) البخاري (١٣٨٨، ٢٧٦٠) ومسلم (١٠٠٤) عن عائشة.
(٢) أخرج أبو داود (٣٢٢٢) والنسائي (٤/ ١٦) وأحمد (٣/ ١٩٧) عن أنصر مرفوعًا: "لا عَقرَ في الإسلام"، قال عبد الرزاق: كانوا يَعقِرون عند القبر، يعني ببقرةِ أو بشيء.