للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٧٧)) (١)، ووصف بذلك من يتبع هواه بغير علمٍ حيث قال: (وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩)) (٢)، وقال: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ) (٣).

وأخبر أن من اتبع هداه المنزل فإنه لا يضل كما ضلّ الضالون، ولا يَشقَى كما شَقِيَ المغضوبُ عليهم، فقال: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (٤). قال ابن عباس: تكفَّل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه إلا يَضِلَّ في الدنيا ولا يَشقَى في الآخرة (٥).

ومن تمام الهداية أن يَنظُر المستهديْ في كتاب الله، وفيما تواتَر من سنةِ نبيه وسنةِ الخلفاء، وما نقلَه الثقاتُ الأثباتُ، ويُميِّزَ بين ذلك وبين ما نقلَه مَن لا يَحفظ الحديثَ، أو يُتَّهَم فيه بكذب لغرضٍ من الأغراض، فإنّ المحدِّثَ بالباطل إمَّا أن يتعمد الكذبَ، أو يَكذِبَ خطأً لسوءِ حفظِه أو نسيانِه أو لقلَّةِ فهمِه وضبطِه.

ثمَّ إذا حَصَلَتِ، المعرفةُ بذلك تدبَّر ذلك، وجَمَعَ بين المتفق منه، وتَدبَّر المختلفَ منه حتى يتبيَّنَ له أنه مُتّفق في الحقيقة وإن كان الظاهرُ مختلفًا، أو أن بعضَه راجحٌ يَجِبُ اتباعُه، والآخر مرجوحٌ ليس بدليلٍ في الحقيقة وإن كان في الظاهرِ دليلًا.


(١) سورة المائدة: ٧٧.
(٢) سورة الأنعام: ١١٩.
(٣) سورة القصص: ٥٠.
(٤) سورة طه: ١٢٣.
(٥) انظر تفسير الطبري (١٦/ ١٦٣).