للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّوا صَلَّوا بقلوبٍ غافلةٍ لاهية، صلاةً لا يذكرون الله فيها إلا قليلًا، يَنقُرونَها نَقْرًا، كما ثبتَ في الصحيح (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تلك صلاةُ المنافق، تلك صلاةُ المنافق، تلك صلاةُ المنافق، يَرقُب الشمسَ حتى إذا كانت بينَ قَرنَي الشيطان قامَ فنَقَرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا».

ثم من هؤلاء من يُباشِر النجاساتِ، ويأوي إلى القمامين والمراحيض والحمامات، ومنهم من يُعاشِر الكلاب والحيّات، وهم مُقصِّرون فيما أمر الله به ورسولُه من الطهارةِ طهارةِ الحدث والخبث، ومن قراءة القرآنِ وتدبر معانيه، ومعرفةِ حديثِ النبي - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنتِه، وقد قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]، فأمرَ من ادَّعَى محبةَ الله باتباعِ نبيه، وضَمِنَ لمن اتبعَ نبيَّه أن يُحِبَّه. وهؤلاء من أبعد الناس عن متابعة الرسول، وهم بأعداء الله الملحدين أشبهُ منهم بأوليائه المتقين، ووصفُ ما في هؤلاء من العيوب والقبائح لا يتسع له هذا المكتوب.

فمن اعتقد في هؤلاء أنهم من أوليائه المتقين وحزبه المفلحين وجندِه الغالبين، فهو من أضلِّ العالمين، وأبعدِهم عن دين الإسلام، الذي بُعِث به محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ولكن التبستْ أحوالُهم على كثير من الناس لما يرونه أحيانًا من أحدهم من نوع مكاشفةٍ وتصرُّفٍ خارج عن العادة، وهم في ذلك من جنس الكهان والسحرة التي كانت الشياطين تنزل عليهم. قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى


(١) أخرجه مسلم (٦٢٢) عن أنس بن مالك.