للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة

في رجلين تكلما فقال أحدهما: إن عليًّا أشجع من أبي بكر، وقال آخر: [إن] أبا بكر أشجع الصحابة.

الجواب

الحمد لله. الذي عليه سلف الأمة وأئمتُها أن أبا بكر الصديق أعلم الصحابة وأدينُ الصحابة وأشجعُ الصحابة وأكرمُ الصحابة، وقد بُسِط هذا في الكتب الكبار وبُيِّن ذلك بالدلائل الواضحة. وذلك أن الشجاعةَ ليستْ [عند] أهلِ العلم بها كثرةَ القتل باليد ولا قوةَ البدن، فإن نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أشجع الخلق، كما قال علي بن أبي طالب (١): كُنّا إذا احمرَّ البأسُ ولَقِيَ القومُ القومَ كُنَّا نتّقي برسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان يكون أقربَ إلى القوم منا. وقد انهزمَ أصحابُه يومَ حُنَين وهو على بَغْلِه يسوقُها نحو العدوّ، ويتسمَّى بحيث لا يُخفِي نفسَه، ويقول:

أنا النبيّ لا كَذِبْ ... أنا ابنُ عبد المطلبْ (٢)

ومع هذا فلم يَقتُل بيده إلا واحدًا، وهو أُبيّ بن خلف، قتلَه يومَ أُحُد.

وكان في الصحابة من هو أكثر قتلًا من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وإن كان لا يفضل عليهم في الشجاعة، مثل البراء بن مالك أخي أنس بن مالك، فإنه قتلَ مئةَ رجلٍ مبارزةً غيرَ مَن شركَ في دَمِه.


(١) أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (ص ٥٨) ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (١٣/ ٢٥٧). وهو في "المسند" (٢/ ٢٢٨، ٣٤٣ طبعة المعارف) بنحوه.
(٢) أخرجه مسلم (١٧٧٥) عن البراء بن عازب.