للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"على فطرة الإسلام". فالقلب مخلوق حنيفا مفطورًا على فطرة الإسلام، وهو الإستسلام لله دون ما سواه. فهو بفطرته لا يريد أن يعبد إلا الله، فلا يطمئن قلبه ويحصل لذته وفرحه وسروره إلا بأن يكون الله هو معبوده دون ما سواه، وكل معبود دون الله يوجبُ الفساد، لا يَحْصُل به صلاح القلب وكماله وسعادته المقتضية لسَروره ولذته وفرحه، وإذا لم يحصل هذا لا يبقى طالبًا لما يلتذ به فيقع في المحرمات من الصُّوَر والشرب وأخذ المال وغير ذلك.

ولهذا لَمَّا كانت امرأة العزيز مشركة طالبةً للفاحشةِ، ويوسف شاب غريبٌ، فالداعي المطيع معه أقوى، لكن معه من الإيمان ما يَصدُّه عن ذلك، وتلك هي وقومها كانوا مشركين، ولهذا قال لهم: (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) إلى قوله: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (١).

وما نقلَه بعضُ المفسرين من أن زوجَها (٢) كان لا يصل إليها، وأن يوسف تزوَّجَها بعد ذلك فوجدَها عذراءَ، فهذا ونحوه من الإسرائيليات مما لا يجوز لمسلم أن يُصدِّقَ به، فإن هذا لم يُخبِر


(١) سورة يوسف: ٣٧ - ٤٠.
(٢) من هنا إلى حديث "إذا حدّثكم أهل الكتاب ... " مضطربٌ في المخطوط غايةَ الاضطراب، وقد تأملتُ في هذه الفقرة حتى اهتديتُ إلى السياق الصحيح. ولا حاجة إلى نقل العبارات المضطربة.